للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إيثار أخذ العلم عن السلف وعلماء القرون الثلاثة]

"الوجه الثاني" أن يقال: إذا لم تقنع نفسك، ولم يطمئن قلبك بما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وقلت: العلماء أعلم منا بالسنة وأطوع لله -تعالى- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم - فنقول: أعلم الناس بما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وما نهى عنه أصحابه -رضي الله عنهم- فهم أعلم الناس بِسُنته، وأطوعهم لأمره، وهم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، ورضي عمن اتبعهم بإحسان.

وفي حديث العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة"١.

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خير القرون قرني الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"٢ وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "من كان منكم مُسْتَنًّا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أَبَرُّ هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الصراط المستقيم".

وقال حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه-: "يا معشر القراء استقيموا وخذوا طريق مَن قبلكم، فوالله لقد سُبِقْتُمْ سبقا بعيدا، ولئن أخذتم يمينا وشمالا: لقد ضللتم ضلالا بعيدا"٣.

فإذا احتج أحدٌ علينا بما عليه المتأخرون، قلنا: الحجة بما عليه الصحابة والتابعون الذين هم خير القرون، لا بما عليه الخلف الذين يقولون مالا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نُقِلَ عنهم أنهم عقدوا القباب على القبور أو أسرجوها، أو خلقوها، أو كسوها الحرير، أم هذا مما حدث بعدهم من المُحْدَثات التي هي بدع وضلالات؟


١ أبو داود: السنة "٤٦٠٧" , والدارمي: المقدمة "٩٥".
٢ أحمد "٥/ ٣٥٧".
٣ البخاري: الاعتصام بالكتاب والسنة "٧٢٨٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>