للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" ١. فهلا قال: من تمسك بالقرآن، أو بدلالة القرآن، أو بمفهوم القرآن، أو بظاهر القرآن في باب الاعتقاد فهو ضال، وإنما الهدى رجوعكم إلى مقاييس عقولكم وما يحدثه المتكلمون منكم بعد القرون الثلاثة.

ثم إن أصل مقالة التعطيل للصفات إنما أخذت عن تلامذة اليهود، والمشركين، وضلال الصابئين؛ فإن أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام: الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه.

وقيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كان أصل هذه المقالة مقالة التعطيل والتأويل مأخوذة من تلامذة المشركين والصابئين واليهود، فكيف تطيب نفس مؤمن، بل نفس عاقل، أن يسلك سبيل هؤلاء المغضوب عليهم والضالين، ويدع سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين؟

[الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها]

وجماع الأمر أن الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة، قسمان يقولان: تجري على ظاهرها، وقسمان يقولان: هي على خلاف ظواهرها، وقسمان يسكتان.

أما الأولون فقسمان:

(أحدهما): من يجريها على ظاهرها من جنس صفات المخلوقين، فهؤلاء المشبهة، وإليهم توجه الرد بالحق.

(والثاني): من يجريها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى، كما يجري اسم الله العليم، والقدير، والرب، والموجود، والذات على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى، فإن


١ الترمذي: الإيمان (٢٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>