للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أيها النبي)؛ وكذلك السلام الذي وجه إلى الأمم السالفة: علينا وعلى إخواننا، وإما للجنس بمعنى: أن حقيقة السلام الذي يعرفه كل أحد، وعمَّن يصدر، وعلى من ينزل: عليك وعلينا.

فإن قيل: لم شرع هذا اللفظ؛ وهو خطاب بشر، مع كونه منهيًا عنه في الصلاة؟!

فالجواب: ذلك من خصائصه الشريفة، واختصاصاته المنيفة على سائر البشر -عليه الصلاة والسلام-.

فإن قيل: ما الحكمة في العدول عن الغيبة للخطاب في قوله: "عليك أيها النبي"، مع أن لفظة الغيبة هو الذي يقتضيه السياق؛ كأن يقول: السلام على النبي؛ فينتقل من تحية اللَّه سبحانه إلى تحية نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم تحية نفسه، ثم الصالحين؟

قلت: أجاب عن هذا الطيبي بما حاصله: إنا نتبع لفظ الرسول بعينه الذي كان علمه للصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وقال: ويحتمل أن يقال على طريق أهل العرفان: إن المصلين لما استفتحوا باب الملكوت بالتحيات؛ أذن لهم في الدخول في حريم الحي الذي لا يموت، فقرت أعينهم بالمناجاة، فتنبهوا على أن ذلك بواسطة نبي الرحمة، وبركة متابعته، فالتفتوا، فإذا الحبيب حاضر، وأقبلوا عليه قائلين: السلام عليك أيها النبي (١)، (ورحمة اللَّه وبركاته)، جمع بركة، وهي النماء والزيادة.

وقال الإمام ابن القيم في كتابه "بدائع الفوائد"، في حكمة كون السلام عليه وقع بصيغة الخطاب، والصلاة بصيغة الغيبة ما حاصله: أنَّ الصلاة


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣١٣ - ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>