للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنتَ رُوحي إنْ كنتُ لستُ أراها ... فهي أدنى إليَّ من كل دِاني

قال ابن القيم -رحمه اللَّه تعالى-: ومن هنا نشأت الشطحات الصوفية، التي مصدرها عن قوة الوارد، وضعف التمييز، حتى حكَّموا الحال على العلم.

وأما المحفوظون، فحكموا العلم على سلطان الحال، وعلموا أن كل حال لا يكون العلم حاكمًا عليه؛ فإنه لا ينبغي أن يغتر به، ولا يسكن إليه، إلا كما يساكن المغلوب المقهور، لما يرد عليه مما يعجز عن دفعه.

وهذه حال الكُمَّل من القوم، الذين جمعوا بين نور العلم وأحوال المعالمة، فلم تُطْفِ عواصفُ أحوالهم نورَ علمهم؛ فالكامل من يحكم العلم على الحال؛ فيتصرف في حاله بعلمه، والناقصُ من يحكم الحال على العلم، فيتصرف في علمه بحاله.

ولهذا أوصى المشايخ الكبار والعارفون، ألا يركنوا إلى الكشف والحال، حيث خالف الشريعة الغراء، واللَّه تعالى الموفق (١).

تنبيه:

ورد في حديث ابن مسعود هذا ما يقتضي المغايرة بين زمانه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيقال: بلفظ الخطاب، وبين ما بعد وفاته فيقال: بلفظ الغيبة.

ففي "البخاري"، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، بعد أن ساق حديث التشهد، قال: وهو بين أظهرنا، فلما قبض، قلنا: السلام -يعني: على النبي-، كذا وقع في البخاري (٢).


(١) انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٢/ ٤١٨ - ٤١٩).
(٢) تقدم تخريجه برقم (٥٩١٠) عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>