للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سؤاله، نص عليه الإمام أحمد، وفاقًا لمالك، والشافعي، فالغنى في باب الزكاة نوعان: نوع يوجبها، ونوع يمنعها؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينكر على السُّؤَّال إذا كانوا من أهلها.

وعن الإمام أحمد: يحرم السؤال لا الأخذ، على من له قوت يومه غداء وعشاء. ذكر ابن عقيل: أنه اختاره جماعة؛ وفاقًا لأبى حنيفة، فيكون قولًا ثالثًا: يمنع السُّؤَّال.

وذكر الحافظ ابن الجوزي في "المنهاج": إن علم أنه يجد من يسأله كل يوم: لم يجز إن يسأله أكثر من قوت يوم وليلة، وإن خاف ألا يجد من يعطيه، أو خاف أن يعجز عن السؤال أبيح له السؤال أكثر من ذلك، ولا يجوز له -في الجملة- أن يسأل فوق ما يكفيه لسنته، وعلى هذا ينزل الحديث: "في الغنى خمسين درهمًا" (١)، فإنها تكفي المنفرد المقتصد لسنة؛ كما في "الفروع" (٢).

وقال ابن حزم: اتفقوا على أن المسألة حرام على كل قوي على الكسب، أو غني، إلا من تحمل حمالة، أو سأل سلطانًا، أو ما لا بد منه،


(١) رواه أبو داود (١٦٢٦)، كتاب: الزكاة، باب: من يعطى من الصدقة، وحد الغنى، والنسائي (٢٥٩٢)، كتاب: الزكاة، باب: حد الغنى، والترمذي (٦٥٠)، كتاب: الزكاة، باب: ما جاء من تحل له الزكاة، وابن ماجه (١٨٤٠)، كتاب: الزكاة، باب: من سأل عن ظهر غنى، من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "من سأل وله ما يغنيه، جاءت يوم القيامة خموش، أو خدوش، أو كدوح في وجهه"، فقيل: يا رسول اللَّه! وما الغنى؟ قال: "خمسون درهمًا، أو قيمتها من الذهب".
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٢/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>