للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناء على ظاهر الحال، ويكون الباطن خلافه، أو يكون السائل مخبرًا عن أمر هو كاذب فيه.

وقد جاء في السنة ما يدل على اعتبار ظاهر الحال في هذا، وهو ما روي: أنه مات رجل من أهل الصفة، وترك دينارين، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَيَّتان" (١)، وإنما كان ذلك -واللَّه أعلم-؛ لأنهم كانوا فقراء مجردين يأخذون، ويتصدقون عليهم بناء على الفقر والعدم، فلما ظهر معه هذان الديناران، على خلاف ظاهر حاله، أخبر المعصوم بماله، وحذر مثل حاله (٢).

فقد روى البيهقي، من حديث مسعود بن عمرو -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه أتي برجل يصلي عليه، فقال: "كم ترك؟ " قالوا: دينارين، أو ثلاثة، قال: "ترك كيتين، أو ثلاث كيات"، فلقيت عبد اللَّه بن القاسم مولى أبي بكر، فذكرت له ذلك، فقال: ذاك رجل كان يسأل الناس تكثرًا (٣).

ومما ينبغي أن يعلم: أن السؤال لا يمنع مطلقًا، ولا يباح مطلقًا، بل يختلف الحكم بحسب الحال؛ فمن أبيح له أخذ شيء من الزكاة، أبيح له


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٤٠٥)، وأبو يعلى في "مسنده" (٤٩٩٧)، وابن حبان في "صحيحه" (٣٢٦٣)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٦٩٦٢)، عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-.
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٩٢).
(٣) كذا نسبه المنذري في "الترغيب والترهيب" (١/ ٣٢٤)، من رواية البيهقي عن مسعود بن عمرو، وعنه نقل الشارح -رحمه اللَّه-. والذي في "شعب الإيمان" للبيهقي (٣٥١٥): أنه رواه من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، به إلى أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. وهي الطريق نفسها التي أشار إليها المنذري، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>