للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راجع إلى الأمور العلمية؟ فقد كانوا يكرهون تكلف المسائل التي لا تدعو الحاجة إليها، وفي الحديث: "أعظم الناس جرمًا عند اللَّه، من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين، فحرم عليهم من أجل مسألته" (١).

قال في "الفتح": حمله بعض العلماء إلى أن المراد به: كثر [ة] السؤال عن أخبار الناس، وأحداث الزمان، أو كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله؛ فإن ذلك مما يكرهه المسؤول غالبًا.

وقد ثبت النهي عن الأغلوطات، أخرجه أبو داود من حديث معاوية (٢)؛ وهي شداد المسائل وصعابها، وثبت عن جمعٍ من السلف: كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة، أو يندر جدًا، وإنما كرهوا ذلك؛ لما فيه من التنطع، والقول بالظن؛ إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ (٣).

وأما كراهة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كثرة المسائل، وعيبه لها؛ وكذا قوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١]، فذلك خاص بزمان الوحي، ويشير إليه حديث: "أعظم الناس جرمًا عند اللَّه" الحديث (٤).

أو هو راجع إلى سؤال المال، وقد وردت أحاديث تعظيم مسألة الناس، ولا شك أن بعض سؤال الناس أموالهم ممنوع، وذلك حيث يكون الإعطاء


(١) رواه مسلم (٢٣٥٨)، كتاب: الفضائل، باب: توقيره -صلى اللَّه عليه وسلم-، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.
(٢) رواه أبو داود (٣٦٥٦)، كتاب: العلم، باب: التوقي في الفتيا، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٤٣٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٩/ ٣٨٩)، وغيرهم.
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٤٠٧).
(٤) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>