كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام

كتاب القصاص - الحديث التاسع - ج: 6 - ص: 189

الخلق أو الجيل الذي (كان قبلكم) في الزمن الذي مضى (رجلٌ به جرحٌ) في يده، وفي رواية: كان رجل به جراح (١)، (فجَزع) -بفتح الجيم وكسر الزاي-؛ أي: فزع وقلَّ صبرُه.

وفي البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: الجزع: القول السيئ (٢)، (فأخذ) ذلك الرجل (سكينًا، فحزَّ)؛ أي: قطع (بها) أي: السكينِ، (يده)؛ أي: يد نفسه التي بها الجرح، (فما رَقَأَ) -مهموز-؛ أي: ما جفّ (الدمُ) وسكنَ جريانه (حتى مات) من ذلك، (قال الله -عز وجل-: عبدي بادرني) -من المبادرة- بمعنى: المسابقة؛ أي: سابقني (بنفسه)، فقتلها بجزعه وعدم صبره على ما ابتليته به، (فحرمت عليه) دخول (الجنة).

وفي رواية لمسلم: "إن رجلًا كان ممن كان قبلكم خرجت بوجهه قرحة، فلما آذته، انتزع سهمًا من كنانته، فنكأها -أي: نخسها وفجرها-، فلم يرقأ الدم حتى مات. قال ربكم: قد حرمت عليه الجنة" (٣).

وفي "صحيح ابن حبان" من حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه -: أن رجلًا كان به جراحة، فأتى قرنًا له، فأخذ مِشْقَصًا، فذبح به نفسه، فلم يصلِّ عليه النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٤).

القرن -بفتح القاف والراء: جعبة النشاب، والمِشْقَص -بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح القاف-: سهم فيه نصل عريض، وقيل: هو

---

(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (١٢٩٨)، وفيه: "كان برجل جراح".
(٢) ذكره البخاري في "صحيحه" (١/ ٤٣٧)، لكن عن محمد بن كعب القرظي.
(٣) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١١٣/ ٨٠).
(٤) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٣٠٩٣).