للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرأة تجادل الرسول ، وعائشة قريبة منهم يخفى عليها بعض كلامها، والله العلي الأعلى يسمع كلامها.

﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ (قد): تفيد التحقيق، سمع كلامها حين مجادلتها الرسول ، ثم علَّل سبحانه ذلك بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾.

وكذلك يسمع كلام المفترين المجترئين على الله من الكفار، لكنه يحلم عليهم ويمهلهم ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾، هذه مقالة لبعض اليهودِ، واليهودُ أهل جرأة على الله وتنقُّص ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾، سمع الله قول هذا الكافر العنيد المجترئ على الله، لما أنزل الله ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ ﴿البقرة ٢٤٥﴾ [البقرة: ٢٤٥]، قال هذا الخبيث: الله فقير يستقرضنا أموالنا (١). والله يخبرنا بأنه سمع، وليس المراد الإخبار فقط، بل في ضمن هذا الإخبار التهديد.

﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ لقد: اللام هي الموطئة للقسم، والمعنى: والله ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (١٨١)﴾ فيه تهديد، كما أن من هذا القبيل ما جاء في قوله تعالى مهدِّدًا للمكذبين بالرسل: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠)﴾، الله يسمع سرهم، ونجواهم، وسيجزيهم على ما يدور في هذا السر والنجوى، فالله يسمع


(١) المختارة ١٠/ ١١٢ من حديث ابن عباس . وانظر: العجاب في معرفة الأسباب ٢/ ٨٠٤، ولباب النقول ص ٥٠.

<<  <   >  >>