للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل البدع المعطلة، ومن تبعهم ينفون الكلام عن الله (١)، ويقولون: إنه لا يتكلم، ولا يكلم، وأن هذا يستلزم التشبيه، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، فنفوا حقيقة الكلام عن الله بمثل هذا التلبيس الذي هو من وحي إبليس البعيد العدو المبين.

وماذا يقول هؤلاء الضلَّال عن القرآن؟

يقولون: إنه كلام مخلوق خلقه الله في الهواء لا في محل، وعبَّر عنه جبريل، أو خلق كلامًا في الهواء، وتلقَّاه جبريل، وبلَّغه.

المهم أنهم يقولون: القرآن مخلوق، كذلك ما يكلم الله به من شاء من عباده مخلوق، فيقولون: إذا أراد أن يكلم أحدًا خلق كلامًا، ومن ذلك خطاب الله لموسى وكلامه له، زعم الجهمية والمعتزلة: أن الله خلق كلاما في الشجرة هو ما قصَّه الله علينا في القرآن ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)﴾، ﴿هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (١٥) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦)[النازعات]، ومما قَصَّه الله من ذلك قال له: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَامُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)[طه] إلى آخر ما قصَّه الله علينا من خطابه وكلامه لكليمه موسى ، فعندهم أن هذا الكلام الذي


(١) انظر مذاهب الناس في كلام الله في: مجموع الفتاوى ١٢/ ١٦٢، والكافية الشافية ص ٦٩، ومختصر الصواعق ٤/ ١٣٠٢، و [ص ١٩١] من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>