للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإنسان يَرزُق أولادَه، يكدُّ، ويكدح، وينفق عليهم، قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] أمر برزقهم يعني: بالإنفاق عليهم.

لكن الرزَّاق حقيقة، والمطعِم حقيقة هو: الله.

وقد دلَّت هذه الآية أيضًا على صفة من صفاته، وهي القوة ﴿ذُو الْقُوَّةِ﴾ [الذاريات: ٥٨] القوَّة التي لا تشبه قوى المخلوق، فالمخلوق يُوصَف بالقوة، قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾ [الروم: ٥٤] ولكن ليست قوة المخلوق كقوة الخالق تعالى؛ فهو القوي، ومن أسمائه القوي، ومن صفاته القوة، فهو ذو القوة المتين - يعني -: الشديد القوة. ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥] فيجب الإيمان بذلك، والإيمان بهذه الأسماء له آثاره السلوكية إذا علم الإنسان أن كلَّ الخير بيده، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما مَنَع توجَّه بقلبه لربه في كل حوائجه، فهو الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو يوجب له ذلك الرغبة إلى الله، ورجاءه، وتوكُّله عليه في حصول الخير، ومنافع الدنيا، والآخرة.

وإذا علم العبد أنه تعالى: القوي، وأنه ذو القوة أيضًا ازداد تعظيمًا لربه، ورجاءً له، وخوفًا منه، فقوته لا يقاومها قوة، ولا يعتريها ضعف.

ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)[النساء]، وقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير (١١)[الشورى] نفي وإثبات ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ هذا نفي مجمَل، نفي للمثيل

<<  <   >  >>