التوَّابين الرجَّاعين إليه عن الذنوب والتقصير، يحب المتطهِّرين كما أُمِروا، يحبُّ المتَّقين، يحبُّ المجاهدين في سبيله، كله إخبارٌ عن الله ﷾، فوجب الإيمان بأن من صفاته سبحانه المحبة، وفي هذا غاية الترغيب في هذه الأعمال.
ومحبَّة الله للعبد هي فوق ما ينال من الثواب، فالمؤمنون المخلصون أولياء الله يتطلَّعون للفوز بهذه المحبة: ﴿قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾.
والمخلوق يُوصَف بالمحبَّة، ولكن مع الفرق، فللمخلوق محبَّةٌ تليق به، وتناسبه يمكن أن يُعَبَّر عنها: بميل الإنسان إلى ما يناسبه، أو ما أشبه ذلك، والله يُوصَف بالمحبَّة، وليست محبَّة الخالق كمحبة المخلوق، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)﴾ لكن محبة الخالق محبة حقيقية لا كما يقول المعطِّلة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين ينفون وينكرون حقيقة المحبة (١)، ويقولون: الله لا يُحِبُّ، ولا تليق به صفة المحبة، ويحرِّفون ما جاء في النصوص، ويفسِّرونها: إما بالإرادة، وإما بالثواب، أو إرادة الثواب، ويقولون: يحبُّ المقسطين، يحبُّ المتقين - يعني -: يريد أن ينعم عليهم، أو يقولون: يحبُّ المقسطين - يعني -: يثيبهم، فينفون عن الله حقيقة المحبة، وهذا مبنيٌّ على أصولهم الفاسدة أن إثبات هذه الصفات يستلزم التشبيه، فيقعون في التناقض، ويفرُّون من شيء؛ فيقعون في نظيره، أو في شرٍّ منه.