للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا قيل: إنه لا ينزل، لا يجيء، لا يتكلم .. فهذا تعجيز وتنَقُّص للرب سبحانه، فالذي يفعل أكمل ممن لا يفعل.

وكذلك القول في الفرح، والضحك، فيجب الإيمان بالفرح والضحك، أن الله يفرح، وفرحه تعالى يتضمن محبته بما يفرح به، ورضاه به وعنه.

يفرح كما في الحديث الصحيح المتفق على صحته عن النبي : «لله أشد فرحًا … » (١). يفرح حقيقة، لكن لا كفرح العباد، إذا فسَّرنا فرح العباد بأنه: لذة وسرور بالمحبوب أو نحوه، فهذه صفة المخلوق، فاللذة لا نضيفها لله، لكنه فرح يتضمن المحبة.

فقوله : «لله أشد فرحًا بتوبة عبده». هذا يتضمن أن الله يحب توبة التائبين، بل يفرح بتوبة التائبين، فالفرح إذًا صفة يجب إثباتها له تعالى، وأنها لا تماثل فرح المخلوق، ولا نعلم كنهها، وكيفيتها.

وهكذا الضحك، وقد جاء في أحاديث عدة، ومنها هذا الحديث أن النبي قال: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخلان الجنة»، فقالوا كيف يا رسول الله؟ قال: «يقاتل هذا في سبيل الله ﷿ فيستشهد ثم يتوب الله على القاتل، فيسلم فيقاتل في سبيل الله ﷿ فيستشهد» (٢). فالله يضحك إليهما؛ لأن أمرهما عجب، يجتمعان في الجنة، القاتل والمقتول، وضحكه إليهما يتضمن رضاه عنهما، ولا أقول: إن هذا تفسير للضحك، لا، بل هو تعالى يضحك كيف شاء، وهو


(١) تقدم تخريجه في [ص ١٥٣].
(٢) تقدم تخريجه في [ص ١٥٣].

<<  <   >  >>