ففي مقابل أدلة العلو يذكر أدلة المعيَّة، ومن هذه النصوص آية الحديد: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾، وفي سورة المجادلة: ﴿هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ وهذه هي المعيَّة العامة المتضمِّنة للعلم.
والمعيَّة في اللغة العربية: تدلُّ على مطلق المقارنة، والمصاحبة، ولا تستلزم اختلاطًا، ولا ممازجةً، فوصفه تعالى بأنه مع عباده لا يدلُّ على أنه حالٌّ في المخلوقات، كما زعم المبطلون الغالطون: أن هذه الآيات تدلُّ على أنه في كل مكان مع عباده، معهم في بيوتهم، ومعهم في سائر ما يكونون فيه.
هذا فهمٌ خاطئٌ، هو سبحانه في السماء، في العلو، مستوٍ على عرشه، وفي نفس الوقت هو مع عباده يسمع كلامهم، ويرى مكانهم، وحركاتهم وسكناتهم، ويعلم سرَّهم، ونجواهم، لا يخفى عليه شيء من أمرهم.
ولا يعني ذلك أنه مع النجوى الثلاثة، والأربعة .. في المكان الذي هم فيه، وأنه متَّصِل بهم، ومن فهم أنّ الله تعالى حالٌّ بين أولئك النجوى داخل السقف الذي هم تحته؛ فهو جافُّ الطبع، جامد العقل، فاسد الفهم.