للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الخالق كوجه أحد من الخلق، ولا يعلم العباد كيفية وجهه كما لا يعلمون كيفية ذاته، وهكذا يثبت أهل السُّنة اليدين له تعالى تصديقًا لخبره يدين يفعل بهما، ويخلق ما يشاء، وليست كأيدي العباد، ولا يعلم العباد كيفيتهما.

وهكذا أهل السُّنة يؤمنون بأن لله عينين يرى بهما كما في الآيات ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾، ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾، ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾.

وأهل الضلال الذين أصَّلوا أصولهم الباطلة، ومنها: أنه تعالى لا تقوم به أيُّ صفة بل هو ذات مجرَّدة، فهؤلاء ينفون حقيقة الوجه، واليدين، والعينين، ويزعمون أن إثباتها لله تشبيه فينفون عن الله الوجه فليس لله وجه عندهم، ولا يدان يفعل بهما، ويخلق بهما، ولا عينان؛ ينفون هذا كله، وهذا ردٌّ لما أخبر الله به، ورسوله ويسلكون في هذه النصوص كما تقدَّم (١) إما طريقة التفويض يقولون: هذه النصوص تُقرَأ، ولا يُتدبَّر معناها، ولا يُفهَم منها شيء، ولا تدلُّ على إثبات هذه الصفات له تقرأ ألفاظًا فقط، ولا يُوقَف عندها.

وآخرون: يتأوَّلون هذه النصوص ففي صفة الوجه (٢) مثلاً يقولون: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾، الوجه هذه كلمة زائدة صلة ليس لها معنى، المعنى: ويبقى ربك. فيصبح حذفها أولى بالكلام تعالى الله عن ذلك، أو المراد بالوجه نفس الذات فيبقى وجه ربك يعني ذات ربك، أو الثواب ويبقى ثواب ربك، وهذه من تأويلاتهم الباطلة السمجة، ولا موجب لهذا إلا


(١) [ص ٨٠ و ٩١].
(٢) انظر: مختصر الصواعق ٣/ ٩٩٢.

<<  <   >  >>