أن المؤمنين يرونه يوم القيامة في الجنة، وفي عَرَصات القيامة، ومن هذه الأدلة قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة (٢٣)﴾ ناضرة: بهية حسنة مشرقة، وهي: وجوه أولياء الله المؤمنين يوم القيامة.
﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة (٢٣)﴾ مِنْ النظر بالبصر؛ يعني: تنظر إلى ربها بأبصارها.
ونظر: يأتي متعديًا (بنفسه)، ومتعديًا ب (فِي)، ومتعديًا ب (إلى)(١)؛ فالمتعدي بنفسه بمعنى الانتظار قال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الامُور (٢١٠)﴾ [البقرة]، ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ﴾ [الأعراف: ٥٣] بمعنى: هل ينتظر هؤلاء الكفَّار إلا تأويل ما وعدوا به.
والمتعدي ب (في)، بمعنى التفكر ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٨٥]، يعني: أولم يتفكروا، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ [الروم: ٨].
أما المتعدي ب (إلى)، فهو بمعنى نظر العين، تقول: نظرت إلى كذا، يعني: بعيني، كما قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوج (٦)﴾ [ق].
فهذه الآية ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة (٢٣)﴾ هي أدلُّ دليل على إثبات رؤية المؤمنين لله تعالى.
ومن الأدلَّة ما توعَّد الله به الكفار المكذبين بقوله: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُون (١٤) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيم