للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن الكلام وإن كان جبريل قد بلَّغه ومحمد Object قد بلغه، وقد أضيف إليهما القرآن بلفظ القول ﴿لَقَوْلُ رَسُولٍ﴾ كلمة رسول تنبئ أن إضافة القول للرسول إضافة تبليغ ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ﴾، وقد أضيف إلى جبريل كما في آية التكوير ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم (١٩)﴾ ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم (١٩)[التكوير]، وأضيف إلى محمد Object وهو الرسول البشري في سورة الحاقة ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُون (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُون (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُون (٤١)[الحاقة].

وهذا يمنع أن يقال: إنه قول جبريل ابتداء؛ ابتدأه جبريل، أو أنه ابتدأه محمد؛ لأنه قد أضيف إليهما، فلا يجوز أن يكون كل منهما ابتدأه، كلا بل كلٌ منهما بلغه، فإضافة القرآن إلى جبريل الرسول من الملائكة، أو إلى محمد وهو الرسول من البشر إضافة تبليغ كما ينبئ عن ذلك لفظ رسول، إذًا: الكلام ليس كلامه، بل كلام مرسِلِه.

ولهذا جاء التنصيص على أنه كلام الله، وقد أجمع أهل السنة على أن القرآن كلام الله؛ لأن من ينفي أن يكون القرآن كلام الله حقيقة، وأنه مخلوق إنما يقول ذلك بناء على أصله الفاسد، وهو أن الله لا يتكلم تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وتقدم (١) أن نفي الكلام عن الله تنقص لرب العالمين، وأن الله بيَّن لبني إسرائيل بطلان إلهية العجل بأنه لا يتكلم، ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِين (١٤٨)[الأعراف].


(١) [ص ١٣٩].

<<  <   >  >>