والمعتزلة يقولون: هو في منزلة بين المنزلتين، لا هو مؤمن، ولا كافر، وهذا أصل من أصولهم، كما أن من أصولهم إنفاذ الوعيد يعني حتمية وقوع ما توعد الله به من عصاه.
وأما المرجئة فيقولون: العاصي مؤمن كامل الإيمان؛ لأن الإيمان عندهم هو التصديق، فكل من كان مصدقًا بربوبيته تعالى، ومصدقًا برسالة النبي ﷺ؛ فهو مؤمن كامل الإيمان.
انظر إلى التقابل والتناقض؛ الخوارج يقولون: كافر، والمعتزلة قالوا: هو في منزلة يخرج عن دائرة الإيمان، وليس بمؤمن، والمرجئة يقولون: بل هو مؤمن كامل الإيمان.
وأهل السنة بين ذلك، يقولون: من أظهر الإيمان وأبطن الكفر؛ فهو منافق، ومن ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب وأصر عليها؛ فهو فاسق، وهو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، مؤمن ناقص الإيمان، فلا يسلبون عنه مطلق الاسم، ولا يعطونه الاسم المطلق يقولون مؤمن ناقص الإيمان (١).
إذا صاروا وسطًا: في مرتكب الكبيرة وهو الموحد الذي لم يأتِ بناقض يقولون عنه: عاصٍ فاسق ناقص الإيمان، لا يقولون: مؤمن كامل الإيمان، ولا يقولون: كافر، ولا يقولون: إنه في منزلة بين المنزلتين.
وبهذا تظهر وسطيتهم، ويظهر تطرف من خالفهم، فالحرورية والمعتزلة في طرف، والمرجئة في طرف، هؤلاء هم المتطرفون حقًّا،