للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا إذا عاين الإنسان مصيره انغلق عليه باب التوبة، فالله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، ويقبل توبة التائبين ما لم ييئسوا من الحياة، ويعاينوا العذاب كما أخبر الله عن الهالكين من المكذبين ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِين (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُون (٨٥)[غافر].

إذًا؛ فمن أصول أهل السنة الإيمان بفتنة القبر، وعذاب القبر، ونعيم القبر، وقد أنكر ذلك بعض المبتدعة، وأنكره الملاحدة الزنادقة (١)، ويلبسون فيقولون: هذه القبور لا نرى فيها شيئًا، فلا يؤمنون إلا بما تدركه حواسهم. وهذا ضلال بيِّن، فكم من الأمور الموجودة القريبة منا ولا ندركها؟

أليس الإنسان قد وكل الله به ملائكة من حوله يكتبون أعماله ويحفظوه ولا يحس بهم؟

بل إن ملائكة الموت ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب حين نزع الروح أقرب إلى الإنسان من أهله، وهم لا يدرون.

﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُوم (٨٣) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُون (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُون (٨٥)[الواقعة]، فأحوال القبور الإيمان بها من الإيمان بالغيب، ولا يصح أن يكون عند المسلم أدنى شك لكونه لا يرى شيئًا ولا يحس به.


(١) الروح ص ١٠٥، ورد عليهم في ص ١١١.

<<  <   >  >>