للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل السُّنة والجماعة يثبتون لله كل ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله ، فيدخل في ذلك إثبات المحبة لله، وأهل السُّنة يثبتون لله المحبة، من الجانبين فيقولون: إنه تعالى يُحِبُّ، ويُحَبُّ، يحبُّ المؤمنين، والمجاهدين، والمقسطين - كما في الآيات -، ويحبُّه أولياؤه المؤمنون كما قال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤]، والله سبحانه يختصُّ بمحبته من يشاء - كما ذكر في هذه الآيات -، بل إنه يفضِّل بعض عباده في هذه المحبة، ولهذا اتَّخذ من عباده من اتَّخذه خليلًا؛ كإبراهيم، ومحمد (١) صلوات الله وسلامه عليهما، وسائر النبيين.

ومن الأدلَّة على إثبات صفة المحبة لله سبحانه قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود (١٤)[البروج] ودود من المودة قيل: ودود: كثير المودة لأوليائه، كغفور - يعني - كثير المغفرة، وقيل: ودود بمعنى مودود، أو محبوب، والأول هو الراجح في تفسير هذا الاسم.

ورجَّحه العلَّامة ابن القيم (٢) إجراءً لهذا الاسم مجرى غفور، وشكور، وما أشبه ذلك من الأسماء الحسنى.

* * * *


(١) قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا (١٢٥)﴾ [النساء]، وروى مسلم (٥٣٢) عن جندب سمعت النبي يقول: «إن الله تعالى قد اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً». ونحوه في مسلم (٢٣٨٣)، من حديث ابن مسعودرضي الله عنه.
(٢) روضة المحبين ص ٤٦، وهو اختيار شيخ الإسلام، وذكر أن الكتاب والسنة وأقوال السلف والأئمة تدل عليه. النبوات ١/ ٣٥٢.

<<  <   >  >>