ومن الصفات التي اشتملت عليها هذه الآيات المتقدمة صفة: العَفْوَ، والقدرة، ومن أسمائه تعالى العَفُوّ، والقدير، قال تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)﴾، في هذه الآية إثبات اسمين من أسماء الله تعالى العَفُوّ، والقدير، وكل اسم متضمِّن لصفة، فمن صفاته: العفو والتجاوز عن السيئات، وإزالة آثارها، ومن صفاته القدرة.
والعفو إنما يكون كمالًا إذا كان مع قدرة؛ ولهذا قرن الله بين هذين الاسمين العفو والقدير، فعفوه تعالى لا عن عجز، بل مع كمال القدرة.
وهكذا قوله تعالى: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢)﴾، فيه إثبات اسمين من أسمائه، وهما: الغفور الرحيم.
والغفور صيغة تدل على كثرة مغفرته للذنوب، فهو سبحانه: الغفور، والغفار، وهو غافر الذنب.
وهو الرحيم ذو الرحمة الواسعة، الذي لم يزل موصوفًا بالرحمة، وفي هاتين الآيتين ترغيب في العفو، والرحمة، فإن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا عفا الله عنه، ومن غفر غفر الله له ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾، ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)﴾، ومن سنة الله في الجزاء أن يجازيَ كُلًّا بجنس عمله، ﴿هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَان (٦٠)﴾ [الرحمن]، وفي الدعاء الذي علمه النبي ﷺ لأم المؤمنين عائشة حين سألته: أرأيت إن وافقت ليلة