للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التكلم فيه والتشاغل به؛ بل إذا تذكروا ذلك، أو ذُكِرَ لهم وقفوا وزجروا من يخوض في ذلك، ويبادرون بالترضي عن أصحاب الرسول ، والدعاء لهم بالمغفرة، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)[الحشر].

فلا يخوضون فيما شجر بين الصحابة لا كلامًا، ولا كتابة وتأليفًا، فتسطير ما جرى بين الصحابة لا خير فيه، اللهم إلا من يكتب للرد على المبطلين وإزاحة الشبه (١)، فيكون هذا الكلام، وهذا التأليف ليس مقصودًا لذاته، فلا يقصد به مجرد الأحاديث التأريخية، والخوض الذي تزجى به الأوقات، ويؤدي إلى تسويد القلوب.

ومن أحسن ما أُثِر في هذا قول عمر بن العزيز : لما قيل له: ما تقول في أهل صفين؟ فقال: تلك دماء طهر الله يدي منها، فلا أحب أن أخضب لساني بها (٢).

وهذا معنى عظيم، وأصل يجب التفطن له والتمسك به؛ بل إن هذا المعنى هو الواجب نحو ما يكون بين المسلمين، فكيف بأصحاب الرسول الأخيار، خير هذه الأمة.

ثم من هذا الأصل يقولون: إن ما نقل من المساوئ من تلك الحروب، أو غيرها منها: ما هو كذب، فالأخبار التأريخية كثير منها


(١) منهاج السنة ٦/ ٢٥٤.
(٢) حلية الأولياء ٩/ ١١٤.

<<  <   >  >>