للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين يعارضون الشرع بالقدر، ومنهم المشركون الذين قالوا: ﴿لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ [الأنعام: ١٤٨]، فعارضوا دعوة الرسل محتجين بالقدر.

وطائفة قالوا: إن الشرع والقدر فيهما تناقض، فطعنوا في حكمة الرب سبحانه، وتُعَارِض بين الشرع والقدر، وإن أثبتتهما وتسمى: الإبليسية؛ فزعيمهم في هذا إبليس، فهو الذي اعترض على الرب، وطعن في حكمته، مع إقراره بالشرع والقدر، فكان هو إمام هذه الطائفة المخذولة.

وأهل السنة والجماعة: يؤمنون بالقدر بما يشتمل عليه من الأمور الأربعة، ويؤمنون بالشرع، وأن الله أمر عباده بالإيمان والطاعات، ونهاهم عن الكفر والفسوق والعصيان، وأنه تعالى يحب المتقين والمقسطين والتوابين والمتطهرين، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد والمفسدين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين.

والإيمان بالشرع يتضمن الفرق بين ما يحبه الله ويبغضه، ويتضمن إثبات الأسباب، وكونها مؤثرة بإذن الله، ويدخل في ذلك الإيمان بأن العباد فاعلون حقيقة، وأن لهم مشيئة واختيارًا، خلافًا للجبرية، وأن الله خالق قدرتهم وأفعالهم، كما تقدمت الإشارة إلى هذا عند ذكر وسطية أهل السنة والجماعة بين الجبرية والقدرية (١).

ولا يستقيم أمر العباد، وإيمانهم، بل لا تستقيم الحياة إلا بهذا وهذا، فمن أنكر واحدًا منهما، أو غفل عنه ضل عن الصراط المستقيم،


(١) [ص ١٧٥].

<<  <   >  >>