للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعطِّلة نفاة الكلام يقولون: هذا القرآن مخلوق، وهذا ما أنكره عليهم أئمَّة الإسلام، وكَفَّروا من قال: القرآن مخلوق. وصبر الذين امتحنوا في أمر القرآن؛ ليقولوا بأن القرآن مخلوق، وعلى رأس هؤلاء الإمام أحمد إمام أهل السُّنة الذي امتحن بالضرب، والسجن؛ ليقول القرآن مخلوق، فأبى على الجهمية، وصبر على أذاهم (١)، فلا غرو أن حاز ذلك اللقب «إمام أهل السُّنة»، فرحمه الله وسائر أئمة الهدى.

وهذه الآيات التي ساقها المؤلِّف؛ للاستدلال بها على إثبات صفة الكلام لله، أولها قول الله: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (٨٧)﴾، أي: لا أحد أصدق من الله حديثًا، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (١٢٢)﴾، القيل والقول معناهما واحد، أو متقارب، وقال الله: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ فكلامه تعالى يسمى حديثًا، وقال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ فأخباره تعالى غاية في الصدق، فهو أصدق الصادقين، ولا أحد أصدق من الله، وهذا معنى من أصدق من الله حديثًا.

وشرائعُه، وأوامره، ونواهيه، كلها عدل، ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)﴾.

وكلمات الله نوعان (٢): كلمات كونية، وهي: ما يُكَوِّن به الكائنات، كما قال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون (٤٠)[النحل]، كما قال


(١) انظر: ذكر محنة الإمام أحمد لحنبل بن إسحاق، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص ٤٣٢، وسير أعلام النبلاء ١١/ ٢٣٢.
(٢) مجموع الفتاوى ١١/ ٢٧٠ و ٣٢٢، وشفاء العليل ص ٢٨٢.

<<  <   >  >>