للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الآيات كنظائرها التي تقدَّمت اشتملت على إثبات العديد من أسماء الله، وصفاته ، فيجب إثبات ما أثبته الله لنفسه، من أسمائه وصفاته مع الإيمان بأنه تعالى لا مثيل له في شيء من ذلك، وأنه لا يَعلم كيفية شيء من صفاته أحد من خلقه، فلا يعلم كيف هو إلا هو، ولا يعلم أحد من العباد كُنْهَ هذه الصفات، بل ذلك مما استأثرَ الله به، وهذه الصفات التي اشتملت عليها الآيات، منها من الأسماء: السميع، والبصير، والعفو، والغفور، والقدير؛ كلها أسماء ثابتة لله، وكل اسم من هذه الأسماء متضمِّن لصفة من صفاته ، وليست كما تقول المعتزلة: إنها مجرَّد أعلام محضة، لا تدلُّ على معانٍ. لا بل هي أسماء تدلُّ على صفات، فهو تعالى: السميع، وهو يسمع أقوال العباد حسنها، وقبيحها. ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة: ١] المرأة التي ظاهر منها زوجها، جاءت تجادل النبي ، وتشتكي حالها، وعيالها إلى الله، وقد كان الظهار في الجاهلية طلاقًا تحرم به المرأة، وليس لهذا حَلٌّ، ولكن الله أنزل هذه الآيات في شأنها، فأبان تعالى أن الظهار ليس طلاقًا، ولا تحرم به المرأة، ولكن تجب فيه الكفارة، وأن الظهار منكر من القول وزور، وجاء في قصة هذه المرأة عن أم المؤمنين عائشة قالت: إني في جانب البيت، وإنه ليخفى عليّ بعض كلامها، وتقول : «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات» (١).


(١) رواه أحمد ٦/ ٤٦، والنسائي ٦/ ١٦٨، وابن ماجه (١٨٨)، وصححه الحاكم ٢/ ٤٨١، وشيخ الإسلام ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» ١/ ٣١٠.

<<  <   >  >>