أهل القبلة بمطلق المعاصي، خلافًا للخوارج؛ فإن الخوارج يكفرون بالذنوب، والمعروف أنهم يكفرون مرتكب الكبيرة (١).
فمن ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب خرج عن الإسلام عندهم، وصار مرتدًّا حلال الدم والمال؛ كالسارق والزاني وشارب الخمر.
أما أهل السنة، فإنهم لا يكفرون بهذه الذنوب، بل أخوة الإيمان باقية مع المعصية؛ فالقاتل أخ للمقتول، قال الله تعالى في آية القصاص: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ﴾ يعني: القاتل الذي عفي له ﴿مِنْ أَخِيهِ﴾ يعني: من دم أخيه المقتول، فالقاتل والمقتول أَخَوان في الإسلام، وإن كان القاتل عاصيًا ظالمًا، والمقتول مظلومًا.
لكن هذا الذنب لا تزول معه أخوة الإيمان، ومثل هذه آية الحجرات ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾، إلى أن قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، فأهل السنة لا يسلبون العاصي أو الفاسق المِلِّي - الملي: نسبة لملة الإسلام - الإيمان كما تفعل الخوارج والمعتزلة.
والخوارج لا يقتصرون على سلبه الإيمان، بل يسلبونه الإيمان ويكفرونه، أما المعتزلة فإنهم يسلبونه الإيمان، وأهل السنة لا يكفرونه، ولا يسلبونه الإيمان، ولا يخلدونه في النار يوم القيامة، بل هو يوم القيامة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه بقدر ذنبه، ثم
(١) مقالات الإسلاميين ص ٨٦، والملل والنحل ١/ ٨٥. وقال شيخ الإسلام: الخوارج يكفرون بالذنب الكبير أو الصغير عند بعضهم. مجموع الفتاوى ١٩/ ١٥١، وانظر أيضًا: ١٢/ ٤٧٠.