للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جاء في الصحيحين (١) حديث صاحبي القبرين، وأن الرسول أخبر بأنهما يعذبان، والصحابة معه لا يدرون عن تعذيبهما، ولا عن سبب تعذيبهما، ومن حكمة الله أنه ستر أحوال القبور، وأهوالها، وعذاب المعذبين فيها، وقد جاء عن النبي أنه قال: «لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم من عذاب القبر ما أسمع» (٢).

ولو سمع الناس ما في القبور لما استطاعوا المُقام، ولما طاب لهم عيش، ولما تدافنوا، ولفرَّ الناس وهاموا على وجوههم.

فالقبور فيها أمور وخطوب؛ ولهذا جاءت الاستعاذة بالله من عذاب القبر، ومن فتنة القبر في كثير من النصوص، وانظروا كيف أوصانا النبي أن نستعيذ بالله من هذه الأخطار العظيمة في كل صلاة بعد التشهد.

قال النبي : «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال» (٣).

ولو كُشف للناس أحوال القبور لما كان لهم ثواب على الإيمان بذلك؛ لأن الثواب إنما هو على الإيمان بالغيب، فهذا هو الذي فيه الفضل، ويتبين فيه المؤمن المصدق من الكافر الجاحد قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ الآية [البقرة].


(١) رواه البخاري (٢١٦)، ومسلم (٢٩٢)، من حديث ابن عباس .
(٢) رواه مسلم (٢٨٦٨)، من حديث أنس .
(٣) رواه البخاري (١٣٧٧)، ومسلم (٥٨٨) - واللفظ له -، من حديث أبي هريرة .

<<  <   >  >>