وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى﴾ أنثى من بني آدم، أو غيرهم من الأحياء، أيُّ أنثى. ﴿وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ كل ذلك قد أحاط به علمه، وكتابه.
فكل هذه الآيات دالَّة على إثبات علمه ﷾، وأنه الموصوف بالعلم المحيط بكل شيء فهو تعالى: العليم، والعلم صفته، وعلمه لا يعزب عنه شيء.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ [سبأ: ٣]، وفيها دليلٌ على إحاطة علمه بكل صغيرٍ، وكبيرٍ؛ بالجزئيات، ودقائق المخلوقات خلافًا للملاحدة الذين يقولون: إنه لا يعلم الأشياء إلا بعد وجودها، أو لا يعلم الجزئيَّات، وإنما يعلم المعاني الكلية.
وفي هذه الآيات ردٌّ عليهم.
بل يعلم ﷾ ما كان، وما يكون، وما لا يكون لو كان كيف يكون، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٨٢] والمعطِّلة؛ كالجهميَّة، والمعتزلة، والفلاسفة ينفون صفة العلم عن الله، وهذا إلحاد في أسماء الله تعالى، وصفاته، وتنقُّص لرب العالمين، فإذا كان المخلوق يُوصَف بالعلم؛ فكيف لا يُوصَف الخالق وهو أحقُّ بكل كمال؟
فعلمه تعالى ثابت بالعقل، وبالسمع أي: النصوص الشرعية.