للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُون (١٧)[المطففين]، فتهديد الكافرين بحجبهم عن ربهم؛ يدلُّ على أن المؤمنين بخلاف ذلك، وأنهم يرون الله سبحانه، فلو كان المؤمنون لا يرونه لما كان بينهم وبين المكذبين فرق، ولو كان تعالى لا يرى البتة كما تزعم المعطلة؛ لما كان في هذا الوعيد فائدة؛ لأن الرؤية على قولهم مستحيلة؛ فالكل محجوب.

ومن الأدلة القرآنية على إثبات الرؤية قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ وقوله تعالى: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥)﴾، وقد جاء تفسير: الزيادة (١) والمزيد (٢) بأنه: النظر إلى وجهه الكريم ، ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾: الجنة، وزيادة عظيمة هي نظرهم إلى وجهه الكريم ، وفي الدعاء المأثور: «وأسألك لذة النظر إلى وجهك» (٣). نسأله تعالى أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم.


(١) روى مسلم (١٨١) عن صهيب عن النبي قال: «إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ: يقول الله : تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجِّنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ﷿، ثم تلا هذه الآية ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾». وانظر: تفسير ابن كثير ٧/ ٤٠٧.
(٢) قال ابن القيم في «حادي الأرواح» ٢/ ٦١٧: قال الطبري: قال علي بن أبي طالب وأنس بن مالك: هو النظر إلى وجه الله ﷿، وقاله من التابعين: زيد بن وهب وغيره. وانظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٣/ ٥١٩.
(٣) رواه أحمد ٤/ ٢٦٤، والنسائي ٣/ ٥٤، وصححه ابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٢، وابن حبان (١٩٧١)، والحاكم ١/ ٥٢٤، من حديث عمار . ورواه أحمد ٥/ ١٩١، وصححه ابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٤، والحاكم ١/ ٥١٦، من حديث زيد بن ثابت .

<<  <   >  >>