الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم جاؤوا في باب الأسماء والصفات - وغيره - بالحق المبين، فقولهم هو الحق، وما جاؤوا به هو الحق الذي يجب الإيمان به، والالتزام به.
والرسل عليهم الصلاة والسلام هم أصدق الناس، وقد عصمهم الله من الكذب؛ لأنه اصطفاهم لتبليغ رسالاته، ولا يصطفي ﷾ لتبليغ رسالاته وتبليغ شرائعه إلا الصادقين.
«ثم رسله صادقون مُصَدَّقون»:
وهم مَصْدُوقون، فالله تعالى يصدقهم، ويقيم الأدلَّة، والخوارق الدالَّة على صدقهم، وشهد بصدقهم في كلامه: ﴿يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيم (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين (٣)﴾ [يس]، ﴿إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِين (٧٩)﴾ [النمل].
وهم مُصَدّقُون عند الموفقين؛ بل إن أعداء الله الكفرة هم مُصَدِّقون للرسل في الباطن كما قال ﷾: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُون (٣٣)﴾ [الأنعام]، وكما قال عن فرعون وقومه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِين (١٤)﴾ [النمل]، فلا يكذب الرسل ظاهرًا، وباطنًا إلا من لا عقل له.
أما العقلاء فإنهم - وإن جحدوا ظاهرًا عنادًا، وحسدًا، وكبرًا، وما إلى ذلك - مُصدِّقون لهم في الباطن، وإن كان هذا التصديق لا ينفعهم، فمن صدَّق الرسل في الباطن، وأظهر تكذيبهم؛ فهو الكفور، ولا ينفعه تصديقه في الباطن.