للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استوى سبحانه على العرش استواء يليق به، ويخصُّه، لا يشبه استواء المخلوقِ.

هل المخلوقُ يُوصَف بالاستواء على غيره؟ نعم ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ﴾ [الزخرف: ١٣]، ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين (٢٨)[المؤمنون]، واستوت سفينة نوح ﴿وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ﴾ [هود: ٤٤]، وليس الاستواء كالاستواء؛ فاستواء الله على عرشه ليس كاستواء المخلوق بل استواء يخصُّه، ويليق به، ويناسبه، ولا يعلم العباد كنهه، فيجب أن يثبت ذلك لله مع نفي مماثلته لصفة المخلوق، ونفي العلم بالكيفية، لكن الاستواء معناه معلوم كما قال الأئمة، قال الإمام مالك لما قال له رجل: كيف استوى؟ قال: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة» (١).

أي: معناه معلوم في اللغة العربية؛ لأن الله أنزل هذا القرآن بلسان عربي مبين، وأمر عباده بتدبر القرآن، وذمَّ المعرضين عن ذلك.

فمعنى استوى: علا، وارتفع، واستقرَّ، كيف شاء نعلم معنى ذلك، لكننا لا نعلم كيفية ذلك.


(١) تقدم تخريجه [ص ٤١].

<<  <   >  >>