للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا، وعمَّا يظنه الجاهلون، فذلك من ظن السوء بالله.

وهذه المعية يسميها أهل العلم: المعية العامة؛ لأن الله مع الناس كلهم ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾، ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ﴾.

ومن قال من السلف إنه تعالى معهم بعلمه؛ فهو حق، إنما قال ذلك؛ لبيان أن مقتضاها: العلم، والسمع، والبصر، وقال الإمام أحمد: إن الله تعالى بدأ آية المعية بالعلم وختمها بالعلم (١).

فمعنى أنه معهم أين ما كانوا يعني: معهم بعلمه، وهو فوق السموات.

وأما المعية الخاصة ففي الآيات الأخرى، كقوله تعالى: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)﴾، ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦)﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)﴾ هذه معيَّة خاصَّة؛ لأنها جاءت مقيَّدة، ف (الصابرون)، و (المتقون) هم بعض العباد لا كلهم. وقوله: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ هذا قاله الرسول لأبي بكر عندما قال له: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال : «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» (٢). وأخبر الله سبحانه عن هذه المقالة ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ هذه معية خاصة، والمعية


(١) الرد على الجهمية والزنادقة ص ١٥٤.
(٢) رواه البخاري (٣٦٥٣)، ومسلم (٢٣٨١)، من حديث أنس عن أبي بكر .

<<  <   >  >>