أن الله يراه، فهذا مقام من مقامات الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك» (١).
ومن الآيات الدالة على الرؤية قوله ﷾: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥]، وفي هذا تهديد للمنافقين بأن ما تعملون سيراه الله، ويراه الرسول، ويراه المؤمنون، وفي آية قبلها ﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لاَّ تَعْتَذِرُوا لَنْ نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون (٩٤)﴾ [التوبة]، هذه صريحة في المنافقين، فالله يرى أعمال المؤمنين من: صلاتهم، وصدقاتهم وحجهم، وجهادهم، ويرى أعمال الكافرين من: شركهم، وظلمهم، وعدوانهم، وجرائمهم، يرى هؤلاء وهؤلاء.
ومن الصفات التي اشتملت عليها هذه الآيات المتقدمة: صفة المكرِ، والكيدِ، والمكرُ والكيدُ معناهما متقارب، وكذلك المحال ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾، يعني: شديد المكر بأعدائه من: الكافرين، والمنافقين، فَمَنْ مَكَرَ اللهُ به فهو المغلوب؛ ولهذا قال ﷾ في الكافرين: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)﴾، وفي قوم صالح: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٠)﴾، وقال سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)﴾، فالله يكيد الكافرين والمنافقين، ويمكر بهم، وهو
(١) رواه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩)، من حديث أبي هريرة ﵁، ومسلم (٨)، من حديث عمر ﵁.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute