الغني ﷾ بذاته عن كل ما سواه، والآكل والشارب مفتقِر إلى ما يأكل وما يشرب وهو سبحانه الذي ﴿يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ [الأنعام: ١٤]، وهو الذي يرزق ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين (٥٨)﴾ [الذاريات].
وقيل: معنى الصمد: الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، وهذا من لوازم غناه وفَقْر العباد ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد (١٥)﴾ [فاطر].
وجاء عن ابن عباس ﵄ أنه قال:«السيد الذي قد كَمُل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد عظم في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبَّار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلَّا له»(١).
يعني: الصمد هو الكامل في جميع صفات الكمال، فهذان اسمان من أسمائه الحسنى ذُكرا على وجه التعيين، وبالتفصيل والتنصيص عليهما، فهذا من الإثبات المفصَّل.
وقوله تعالى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد (٣)﴾، لم يلد ردٌّ، وإبطال لما نسبه إليه المفترون من اليهود، والنصارى، والمشركين، والفلاسفة، وغيرهم ممَّن نسب إليه الولد - تعالى الله عمَّا يقولون -.
(١) تفسير الطبري ١٥/ ٣٤٦، وفتاوى ابن تيمية ٨/ ١٤٩ - ١٥٠.