للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أهل العلم: لبيان أن المراد بالسمع والبصر حقيقتهما أنه ذو سمع حقيقة، وذو بصر حقيقة.

ثم ذكر المؤلف الآيات الدالة على إثبات المشيئة والإرادة ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ﴾ [الكهف: ٣٩] هكذا يقول الرجل الصالح المؤمن لصاحبه الكافر المغرور بجنَّته حين سمعه يقول: ﴿مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (٣٦) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (٣٨) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ﴾ [الكهف].

يقول: لو أنك عندما دخلت جنَّتك تذكَّرت أنَّها إنما حصلت بمشيئة الله، وتذكَّرت أنه لا قوة لك ولا لغيرك إلا بالله، وكان الواجب عليك أن تقول: ما شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلا باللَّه، أما أن تقول: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً، فهذا كفر، وإنكار للبعث، وإنكار لفضل الله ، وإنكار لربوبيته سبحانه؛ لأنه هو المنعم المتفضِّل هو الذي يعطي ما يشاء لمن يشاء.

وقوله: ﴿مَا شَاء اللَّهُ﴾ يعني: هذا ما شاء الله - أي - هذا كائن بمشيئة الله، وما شاء الله كان، ما شاء الله لا بد منه، وما لم يشأ لم يكن، فكل ما يحصل في الوجود من: الذوات، والصفات، والحركات؛ فبمشيئته سبحانه لا يخرج عنها شيء أبدًا.

<<  <   >  >>