للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا ليس ظاهر الآيتين هذا، بل ظاهرهما أنه الباقي ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾، كل عاقل يعرف دلالات الكلام يفهم من هاتين الآيتين أنه الباقي الذي لا يفنى وأن له وجهًا.

فأفاد التركيب إثبات البقاء له تعالى، وإثبات الوجه له ، ولا يفيد أن البقاء مخصوص، أو خاصٌّ بالوجه دون ذاته، تعالى الله عن فهم الخاطئين الغالطين.

فدلَّت الآيتان على أن له وجهًا، وقد وصف وجهه بالجلال والإكرام ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالإِكْرَام (٢٧)﴾، فوجهه موصوف بالجلال والعظمة، والكبرياء، وبالإكرام، فهو تعالى الذي يكرم عباده، وهو المستحقُّ من عباده أن يكرموه بطاعته، وبتقواه، وبتعظيمه، وإجلاله ثناءً عليه، وتمجيدًا له، وتعظيمًا له، وتنزيهًا له عن كل نقصٍ، وعيبٍ.

وهو تعالى يُوصَف بالجلال والإكرام كما قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالإِكْرَام (٧٨)[الرحمن].

كما تدلُّ الآيتان على أن كل عمل لغير الله فهو باطل ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ﴾، فإذا كان كل شيء ذاهبًا، وأن البقاء له وحده، فهو الذي يبقى، ولا يفنى، ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾، فإن ذلك يتضمَّن أنه الإله الحق الذي لا يستحقُّ العبادة سواه، وأن كل عمل لغيره فهو فانٍ هالك ذاهب، ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)﴾، ولا يبقى إلا ما كان خالصًا لوجهه، ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (٤٦)﴾.

<<  <   >  >>