كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
وَرَوَى بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صلاة المسافر ركعتان حتى يؤب إلَى أَهْلِهِ أَوْ يَمُوتَ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم بمعنى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيّ سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ فَهَذِهِ أَخْبَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ فِي فِعْلِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهِمَا وَفِي ذَلِكَ الدَّلَالَةُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا فَرْضُ الْمُسَافِرِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ مُجْمَلٌ فِي الْكِتَابِ مُفْتَقِرٌ إلَى الْبَيَانِ وَفِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا وَرَدَ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ فَهُوَ كَبَيَانِهِ بِالْقَوْلِ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ وَفِي فِعْلِهِ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ بَيَانٌ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُ اللَّهِ كَفِعْلِهِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَوْ كَانَ مُرَادُ اللَّهِ الْإِتْمَامُ أَوْ الْقَصْرُ عَلَى مَا يَخْتَارُهُ الْمُسَافِرُ لَمَا جَازَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ يَقْتَصِرَ بِالْبَيَانِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ دُونَ الْآخَرَ وَكَانَ بَيَانُهُ لِلْإِتْمَامِ فِي وَزْنِ بَيَانِهِ لِلْقَصْرِ فَلَمَّا وَرَدَ الْبَيَانُ إلَيْنَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَصْرِ دُونَ الْإِتْمَامِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُرَادُ اللَّهِ فِي رُخْصَةِ الْمُسَافِرِ فِي الْإِفْطَارِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ مِنْ إفْطَارٍ أو صوم وَرَدَ الْبَيَانُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم تَارَةً بِالْإِفْطَارِ وَتَارَةً بِالصَّوْمِ وَأَيْضًا لَمَّا صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا أَنْكَرَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ ذَلِكَ
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ
وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمْ الطُّرُقُ فَلَوَدِدْت أَنَّ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ
وَقَالَ عُثْمَانُ أَنَا إنَّمَا أَتْمَمْت لِأَنِّي تَأَهَّلْت بِهَذَا البلد وسمعت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَأَهَّلَ بِبَلَدٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ
فَلَمْ يُخَالِفْهُمْ عُثْمَانُ فِي مَنْعِ الْإِتْمَامِ وَإِنَّمَا اعْتَذَرَ بِأَنَّهُ قَدْ تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ فَصَارَ مِنْ أَهْلِهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا فِي أَهْلِ مَكَّةَ إنَّهُمْ لَا يَقْصُرُونَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَقَالَتْ عَائِشَةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَتْ أَنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَانِ وَفَرْضَ الْمُقِيمِ أَرْبَعٌ كَفَرْضِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَمَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ تَرْكُ الأخريين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute