للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمًا فَلَمْ يَلْزَمْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ بِالْيَمِينِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا يُلْزَمُ بِهَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ غَدًا ثُمَّ لَمْ يَصُمْهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَالْقِسْمُ الْآخَرُ مِنْ الْأَيْمَانِ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مُبَاحٍ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْقُرْبَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَإِنْ شَاءَ فعل المحلوف عليه وإن شاء ترك حَنِثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ وَيُكَفِّرَ عَنْهَا

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَ إنِّي لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا فَعَلْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ حَلَفَ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَى مِسْطَحِ ابن أُثَاثَةَ لَمَّا كَانَ مِنْهُ مِنْ الْخَوْضِ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالرُّجُوعِ إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ قِيلَ فِي الْأَنْعَامِ إنَّهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْإِطْلَاقُ يَتَنَاوَلُ الْإِبِلَ وَإِنْ كَانَتْ منفردة وتتناول الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ إذَا كَانَتْ مَعَ الْإِبِلِ وَلَا تَتَنَاوَلُهُمَا مُنْفَرِدَةً عَنْ الْإِبِلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَقِيلَ إنَّ الْأَنْعَامَ تَقَعُ عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى الظِّبَاءِ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا الْحَافِرُ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ نُعُومَةِ الْوَطْءِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اسْتِثْنَاؤُهُ الصَّيْدَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَافِرَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْأَنْعَامِ قَوْله تَعَالَى وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها فَلَمَّا اسْتَأْنَفَ ذَكَرَهَا وَعَطَفَهَا عَلَى الْأَنْعَامِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي جَنِينِ الْبَقَرَةِ إنَّهَا بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ من الأنعام وإنما قال بهيمة الأنعام وَإِنْ كَانَتْ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا مِنْ الْبَهَائِمِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَحَلَّ لَكُمْ الْبَهِيمَةَ الَّتِي هِيَ الْأَنْعَامُ فَأَضَافَ الْبَهِيمَةَ إلَى الْأَنْعَامِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ كَمَا تَقُولُ نَفْسُ الْإِنْسَانِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الْإِبَاحَةَ مَعْقُودَةٌ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْوَفَاءَ بِالْعُقُودِ شَرْطًا لِلْإِبَاحَةِ وَلَا أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْمُجَازَاةِ وَلَكِنَّهُ وَجَّهَ الْخِطَابَ إلَيْنَا بِلَفْظِ الْإِيمَانِ فِي قَوْله

<<  <  ج: ص:  >  >>