للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس والسدى يئسوا أن ترتدوا رَاجِعِينَ إلَى دِينِهِمْ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْيَوْمِ فَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ عَامَ حَجَّةِ الوداع فَلا تَخْشَوْهُمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ الْحَسَنُ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَعْنِي بِهِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَهُوَ زَمَانُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ اسْمُ الْيَوْمِ يُطْلَقُ عَلَى الزَّمَانِ كَقَوْلِهِ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إنما عنى به وقتا منهما قَوْله تَعَالَى فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فإن الاضطرار هو الضر الَّذِي يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ جُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ ولا يمكنه الامتناع منه والمعنى هاهنا مِنْ إصَابَةِ ضُرِّ الْجُوعِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي قوله تعالى فِي مَخْمَصَةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ الْمَخْمَصَةُ الْمَجَاعَةُ فَأَبَاحَ اللَّهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَكْلَ جَمِيعَ مَا نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فِي الْآيَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَا عَرَضَ مِنْ قَوْلِهِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ مَعَ مَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ عَوْدِ التَّخْصِيصِ إلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَاَلَّذِي تَضَمَّنَهُ الْخِطَابُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ- إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ- غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ فِيهِ بَيَانُ إبَاحَةِ الصَّيْدِ فِي حَالِ الْإِحْلَالِ وَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي قَوْلِهِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ثُمَّ بَيَّنَ مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا فِي قَوْلِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ حَالَ الضَّرُورَةِ وَأَبَانَ أَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي التَّحْرِيمِ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي الصَّيْدِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَفِي جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ فَمَتَى اُضْطُرَّ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا حَلَّ لَهُ أَكْلُهُ بِمُقْتَضَى الآية وقوله تعالى غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدُ وَالسُّدِّيُّ غَيْرَ مُعْتَمِدٍ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ غَيْرَ مُعْتَمِدٍ بهواه إثْمٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهُ بَعْدَ زَوَالِ الضرورة وقوله عز وجل يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ اسم يتناول معنين أَحَدُهُمَا الطَّيِّبُ الْمُسْتَلَذُّ وَالْآخَرُ الْحَلَالُ وَذَلِكَ لِأَنَّ ضِدَّ الطَّيِّبِ هُوَ الْخَبِيثُ وَالْخَبِيثُ حَرَامٌ فَإِذَا الطَّيِّبُ حَلَالٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ الِاسْتِلْذَاذُ فَشَبَّهَ الْحَلَالَ بِهِ فِي انْتِفَاءِ الْمَضَرَّةِ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ

تَعَالَى يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ يَعْنِي الْحَلَالَ وَقَالَ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ فَجَعَلَ الطَّيِّبَاتِ فِي مُقَابَلَةِ الْخَبَائِثِ وَالْخَبَائِثُ هِيَ الْمُحَرَّمَاتُ وَقَالَ تَعَالَى فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَا حَلَّ لَكُمْ وَيَحْتَمِلُ مَا اسْتَطَبْتُمُوهُ فَقَوْلُهُ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ جائز أن يريد به ما استطبتموه واستلذتموه مِمَّا لَا ضَرَرَ عَلَيْكُمْ فِي تَنَاوُلِهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>