للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَقَالَ هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ وُضُوءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً إلَّا بِهِ ثُمَّ تَحَدَّثَ سَاعَةً ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ هَذَا وُضُوءُ مَنْ تَوَضَّأَ بِهِ ضَاعَفَ اللَّهُ لَهُ الْأَجْرَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَحَدَّثَ سَاعَةً ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَقَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِي

وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا رُوِيَ عَنْ السَّلَفِ مِنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ وَقَالَ هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ وَرَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَثَبَتَ بِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ قَوْله تَعَالَى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَثَبَتَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنَّ فِيهِ ضَمِيرًا به يعلق إيجَابِ الطَّهَارَةِ وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُجْمَلِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الْبَيَانِ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِعُمُومِهِ إلَّا فِيمَا قَامَ دَلِيلُ مُرَادِهِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْوُضُوءِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ مِنْ النَّوْمِ لَمْ يَكُنْ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ مُوجِبًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَ مِنْ النَّوْمِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَدَثٍ آخَرَ وُضُوءٌ آخَرُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَوَضَّأَ مِنْ النَّوْمِ فَلَوْ كَانَ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ لَمَا وَجَبَ مِنْ النَّوْمِ عِنْدَ إرَادَةِ الْقِيَامِ إلَيْهَا كَالسَّبَبَيْنِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ ثُمَّ وَجَبَ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ يَجِبْ مِنْ الثَّانِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ النَّوْمِ هُوَ الضَّمِيرُ الَّذِي فِي الْآيَةِ فَكَانَ تَقْدِيرُهُ إذَا قُمْتُمْ مِنْ النَّوْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ الْمُوجِبَ لِلْوُضُوءِ هُوَ النَّوْمُ الْمُعْتَادُ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنَّهُ قَامَ مِنْ النَّوْمِ وَمَنْ نَامَ قَاعِدًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ رَاكِعًا لَا يُقَالُ إنَّهُ قَامَ مِنْ النَّوْمِ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ ذَلِكَ فِي نَوْمِ الْمُضْطَجِعِ وَمَنْ قَالَ إنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَإِنَّمَا وَجَبَ بِهِ الطَّهَارَةُ لِغَلَبَةِ الْحَالِ فِي وُجُودِ الْحَدَثِ فِيهِ فَإِنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْ الرِّيحِ وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى عَلَى مَا وَصَفْنَا فَيَكُونُ حِينَئِذٍ فِي مَضْمُونِ الْآيَةِ إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ وَمِنْ الرِّيحِ وَقَدْ أُرِيدَ بِهِ أَيْضًا إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَذَلِكَ مِنْ ضَمِيرِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ وَالْغَائِطُ هُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ وَكَانُوا يَأْتُونَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>