لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ فِيهِ وَذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَسَلَسِ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَسَائِرِ مَا يَسْتَتِرُ الْإِنْسَانُ عِنْدَ وُجُودِهِ عَنْ النَّاسِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ الْغَائِطَ لِلِاسْتِتَارِ عَنْ النَّاسِ وَإِخْفَاءِ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْيَاءِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْبَدَنِ الَّتِي فِي الْعَادَةِ يَسْتُرُهَا عَنْ النَّاسِ مِنْ سَلَسِ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا أَحْدَاثٌ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا ضَمِيرُ الْآيَةِ وَقَدْ اتَّفَقَ السَّلَفُ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى نَفْيِ إيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ نَامَ قَاعِدًا غَيْرَ مُسْتَنِدٍ إلَى شَيْءٍ
رَوَى عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى نَامَ النَّاسُ ثُمَّ اسْتَيْقَظُوا فَجَاءَهُ عُمَرُ فَقَالَ الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَخَرَجَ وَصَلَّى وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ تَوَضَّئُوا
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نَجِيءُ إلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَمِنَّا مَنْ نَعَسَ وَمِنَّا من نام ولا نعيد وضوء وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ حَتَّى يَضَعَ جَنْبَهُ وَيَنَامَ وقد ذكرنا اختلاف الفقهاء في ذلك فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يصلى الصبح وَلَا يَتَوَضَّأُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنِّي لَسْت كَأَحَدِكُمْ إنَّهُ تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي لَوْ أَحْدَثْت لَعَلِمْتُهُ
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَأَنَّ إيجَابَ الْوُضُوءِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ مِنْ الْحَدَثِ الَّذِي لَا يَشْعُرُ بِهِ وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ النَّائِمِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم أنه قال العين وكاءا له فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنُ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ
فَلَمَّا كَانَ الْأَغْلَبُ فِي النَّوْمِ الَّذِي يَسْتَثْقِلُ فِيهِ النَّائِمُ وُجُودَ الْحَدَثِ فِيهِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْحَدَثِ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي النَّوْمِ الْمُعْتَادِ الَّذِي يَضَعُ النَّائِمُ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَيَكُونُ فِي الْمُضْطَجِعِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ جَالِسًا أَوْ عَلَى حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مِثْلِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ لِأَنَّ هَذِهِ أحوال يكون الإنسان فيها محتفظا وَإِنْ كَانَ مِنْهُ حَدَثٌ عَلِمَ بِهِ
وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِدًا وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ فَإِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ.
فَصْلٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَوْله تَعَالَى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ لَمَّا كَانَ ضَمِيرُهُ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ أَوْ إرَادَةِ الْقِيَامِ إلَيْهَا فِي حَالِ الْحَدَثِ فَأَوْجَبَ ذَلِكَ تَقْدِيمَ الطَّهَارَةِ مِنْ