للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَلَّذِي أَنْكَرَهُ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ اعْتِقَادَهُ الْإِيجَابَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمِهْرَاسَ الَّذِي كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَدْ كَانَ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَكُنْ الْوُضُوءُ مِنْهُ إلَّا بِإِدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ فَاسْتَنْكَرَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ اعْتِقَادَ الْوُجُوبِ فِيهِ مَعَ ظُهُورِ الِاغْتِرَافِ مِنْهُ بِالْيَدِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدْفَعُوا عِنْدَنَا رِوَايَتَهُ وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا اعْتِقَادَ الْوُجُوبِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا هُمَا مِنْ الرَّأْسِ تُمْسَحَانِ مَعَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عنه وزاد وأنهما تَمْسَحُهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يَغْسِلُ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ مَعَ وَجْهِهِ وَيَمْسَحُ ظَاهِرَهُمَا مَعَ رَأْسِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَمْسَحُهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَهُمَا سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهِمَا لَا مِنْ الْوَجْهِ وَلَا مِنْ الرَّأْسِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ الرأس وتمسحان مَعَهُ مَا

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَنْ حَمَّادٍ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَطَهَّرَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ وَقَالَ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا وَمَا أَدْبَرَ

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ أَيْضًا أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا من وجهين أحدهما قوله أنه مسح رأسه وَأُذُنَيْهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَسَحَ الْجَمِيعَ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ تَجْدِيدِ مَاءٍ لَهُمَا بِغَيْرِ رِوَايَةٍ وَالثَّانِي

قَوْلُهُ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ

لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ تَعْرِيفَنَا مَوْضِعَ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ أَنَّهُمَا تَابِعَتَانِ لَهُ مَمْسُوحَتَانِ مَعَهُ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ تَعْرِيفَنَا مَوْضِعَ الْأُذُنَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيِّنٌ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ وَكَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْلُو مِنْ الْفَائِدَةِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَجْهُ الثَّانِي فَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمَا مَمْسُوحَتَانِ كَالرَّأْسِ قِيلَ لَهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا فِي الْحُكْمِ لَا يُوجِبُ إطْلَاقَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُمَا مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ الرِّجْلَانِ مِنْ الْوَجْهِ مِنْ حَيْثُ كَانَتَا مَغْسُولَتَيْنِ كَالْوَجْهِ فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ إنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُمَا كَبَعْضِ الرَّأْسِ وَتَابِعَتَانِ لَهُ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مِنْ بَابُهَا التَّبْعِيضُ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>