للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِرَاءَتَيْنِ عَقْدُ الْيَمِينِ قَوْلًا وَيَكُونُ حُكْمُ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ مَقْصُورًا عَلَى هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْأَيْمَانِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مَعْقُودَةً وَلَا تَجِبُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي لِأَنَّهَا غَيْرُ مَعْقُودَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ مَاضٍ وَالْخَبَرُ عَنْ الْمَاضِي لَيْسَ بِعَقْدٍ سَوَاءٌ كَانَ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا فإن قال قائل إذ كَانَ قَوْله تَعَالَى عَقَّدْتُمُ بِالتَّخْفِيفِ يَحْتَمِلُ اعْتِقَادَ الْقَلْبِ وَيَحْتَمِلُ عَقْدَ الْيَمِينِ فَهَلَّا حَمَلْته عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ إذْ لَيْسَا مُتَنَافِيَيْنِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى بِما عَقَّدْتُمُ بِالتَّشْدِيدِ مَحْمُولٌ عَلَى عَقْدِ الْيَمِينِ فَلَا يَنْفِي ذلك واستعمال اللَّفْظِ فِي الْقَصْدِ إلَى الْيَمِينِ فَيَكُونَ عُمُومًا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ قِيلَ لَهُ لَوْ سَلِمَ لَك مَا ادَّعَيْت مِنْ الِاحْتِمَالِ لَمَا جَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا ذَكَرْت وَلَكَانَتْ دَلَالَةُ الْإِجْمَاعِ مَانِعَةً مَنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا وَصَفْت وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْقَصْدَ إلَى الْيَمِينِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ حُكْمَ إيجَابِهَا مُتَعَلِّقٌ بِاللَّفْظِ دُونَ الْقَصْدِ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ حُكْمَ إيجَابِهَا مُتَعَلِّقٌ بِاللَّفْظِ دُونَ الْقَصْدِ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَبَطَلَ بِذَلِكَ تَأْوِيلُ من تأوله اللَّفْظَ عَلَى قَصْدِ الْقَلْبِ فِي حُكْمِ الْكَفَّارَةِ وَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ هُوَ الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ قال قائل قوله عَقَّدْتُمُ بِالتَّشْدِيدِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالْمُؤَاخَذَةُ تَلْزَمُ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ فَمَا وَجْهُ اللَّفْظِ الْمُقْتَضِي لِلتَّكْرَارِ مَعَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي وُجُودِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّكْرَارِ قِيلَ لَهُ قَدْ يَكُونُ تَعْقِيدُ الْيَمِينِ بِأَنْ يُعَقِّدَهَا فِي قَلْبِهِ وَلَفْظِهِ وَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ تَعْقِيدًا إذْ هُوَ كَالتَّعْظِيمِ الَّذِي يَكُونُ تَارَةً بِتَكْرِيرِ الْفِعْلِ وَالتَّضْعِيفِ وَتَارَةً بِعِظَمِ الْمَنْزِلَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ إفَادَةَ حُكْمٍ لَيْسَ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى أَعَادَ الْيَمِينَ عَلَى وَجْهِ التَّكْرَارِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ حَلَفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَرَادَ بِهِ التَّكْرَارَ لَا يلزمه وَاحِدَةٌ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ بِما عَقَّدْتُمُ بِالتَّخْفِيفِ يفيد إيجاب الكفارة باليمين إلا كفارة أحد قِيلَ لَهُ الْقِرَاءَتَانِ وَالتَّكْرَارُ جَمِيعًا مُسْتَعْمَلَتَانِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَائِدَةٌ مُجَدَّدَةٌ.

(فصل) وَمَنْ يُجِيزُ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ يَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ فَجَعَلَ ذَلِكَ كَفَّارَةً عَقِيبَ عَقْدِ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحِنْثِ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ وَالثَّانِي قَوْله تَعَالَى ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ فأما قوله بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ فِيهِ ضَمِيرًا مَتَى أَرَادَ إيجَابَهَا وَقَدْ عَلِمْنَا لَا مَحَالَةَ أَنَّ الْآيَةَ قَدْ تَضَمَّنَتْ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ وَأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>