للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنْ الْإِبِلِ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ إنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ أُصَانِعُهُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّه إلَى رِحَالِكُمْ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَتَأَلَّفُ بِمَا يُعْطِي قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَرْجِعُوا كُفَّارًا وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ أعطانى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إلَيَّ فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إلَيَّ

وَرَوَى مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ الْغَنَائِمَ بِحُنَيْنٍ وَقَسَمَ لِلْمُتَأَلَّفِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَفِي سَائِرِ الْعَرَبِ مَا قَسَمَ وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ لَهُمْ أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْت بِهَا قوما لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إلَى مَا قَسَمَ اللَّه لَكُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَأَلَّفَهُمْ لِيُسْلِمُوا وَفِي الْأَوَّلِ إنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَتَأَلَّفُ بِذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارَ جَمِيعًا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إنَّمَا كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فِي حَالِ قِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ وَقَدْ أَعَزَّ اللَّه الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَاسْتَغْنَى بِهِمْ عَنْ تَأَلُّفِ الْكُفَّارِ فَإِنْ احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِتَرْكِهِمْ الْجِهَادَ وَمَتَى اجْتَمَعُوا وَتَعَاضَدُوا لَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَأَلُّفِ غَيْرِهِمْ بِمَالٍ يُعْطَوْنَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ جَاءَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَا يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّه إنَّ عِنْدَنَا أَرْضًا سَبِخَةً لَيْسَ فِيهَا كَلَأٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ فإن رأيت أن تعطيناها فأقطعها إياها وَكَتَبَ لَهُمَا عَلَيْهَا كِتَابًا وَأَشْهَدَ وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ عُمَرُ فَانْطَلَقَا إلَى عُمَرَ لِيَشْهَدَ لَهُمَا فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ مَا فِي الْكِتَابِ تَنَاوَلَهُ من أيديهما ثم تفل فمحاه فتذمر او قالا مَقَالَةً سَيِّئَةً فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَتَأَلَّفُكُمَا وَالْإِسْلَامُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَإِنَّ اللَّه قد أغنى الإسلام اذهبا فاجهدا جهد كما لَا يَرْعَى اللَّه عَلَيْكُمَا إنْ رَعَيْتُمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّه فَتَرْكُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ النَّكِيرَ عَلَى عُمَرَ فِيمَا فَعَلَهُ بَعْدَ إمْضَائِهِ الْحُكْمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ مَذْهَبَ عُمَرَ فِيهِ حِينَ نَبَّهَهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ مِنْ قِلَّةِ الْعَدَدِ وَكَثْرَةِ عَدَدِ الْكُفَّارِ وَأَنَّهُ لَمْ يَرَ الِاجْتِهَادَ سَائِغًا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>