ذلك لأنه لوسوغ الِاجْتِهَادَ فِيهِ لَمَا أَجَازَ فَسْخَ الْحُكْمِ الَّذِي أَمْضَاهُ فَلَمَّا أَجَازَ لَهُ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ بِتَنْبِيهِ عُمَرَ إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ امْتِنَاعَ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مِثْلِهِ وَرَوَى إسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ لَيْسَ الْيَوْمَ مُؤَلَّفَةٌ قُلُوبُهُمْ وَرَوَى إسْرَائِيلُ أَيْضًا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَامِرٍ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قَالَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ انْقَطَعَ الرِّشَا وَرَوَى ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُبَارَكٍ عَنْ الحسن قال ليس المؤلفة قُلُوبُهُمْ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَرَوَى مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّه قَالَ سألت الزهري عن المؤلفة قَالَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ قُلْت وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا قَالَ وَإِنْ كَانَ غنيا قوله تعالى وفي الرقاب فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَا يُجْزِي أَنْ تُعْتَقَ مِنْ الزَّكَاةِ رَقَبَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْتِقْ مِنْ زَكَاتِك وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يُعْتِقُ مِنْ الزَّكَاةِ مَخَافَةَ جَرِّ الولاء وقال فِي الرِّقَابِ إنَّهَا رِقَابٌ يُبْتَاعُونَ مِنْ الزَّكَاةِ وَيُعْتَقُونَ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُعْتِقِينَ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يُعْطَى الْمُكَاتَبُ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا وَلَا عَبْدًا مُوسِرًا كَانَ مَوْلَاهُ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الْكَفَّارَاتِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ لَا يُعْتَقُ مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ السَّلَفِ فِي جَوَازِ إعْطَاءِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الزَّكَاةِ فَثَبَتَ أَنَّ إعْطَاءَهُ مُرَادٌ بِالْآيَةِ وَالدَّفْعُ إلَيْهِ صَدَقَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَالَ اللَّه تَعَالَى إنما الصدقات للفقراء- إلى قوله- وفي الرقاب وَعِتْقُ الرَّقَبَةِ لَا يُسَمَّى صَدَقَةً وَمَا أُعْطِيَ فِي ثَمَنِ الرَّقَبَةِ فَلَيْسَ بِصَدَقَةٍ لِأَنَّ بَائِعَهَا أَخَذَهُ ثَمَنًا لِعَبْدِهِ فَلَمْ تَحْصُلْ بِعِتْقِ الرَّقَبَةِ صَدَقَةٌ واللَّه تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الصَّدَقَاتِ فِي الرِّقَابِ فَمَا لَيْسَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ غَيْرُ مُجْزِئٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَقْتَضِي تَمْلِيكًا وَالْعَبْدُ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا بِالْعِتْقِ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْ رَقَبَتِهِ وَهُوَ مِلْكٌ لِلْمَوْلَى وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ الرِّقُّ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ لَهُ لَوَجَبَ أَنْ يقوم فيها مَقَامَ الْمَوْلَى فَيَتَصَرَّفَ فِي رَقَبَتِهِ كَمَا يَتَصَرَّفُ الْمَوْلَى فَثَبَتَ أَنَّ الَّذِي حَصَلَ لِلْعَبْدِ إنَّمَا هُوَ سُقُوطُ مِلْكِ الْمَوْلَى وَأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِذَلِكَ شَيْئَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُجْزِيًا مِنْ الصَّدَقَةِ إذْ شَرْطُ الصَّدَقَةِ وُقُوعُ الْمِلْكِ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعِتْقَ وَاقِعٌ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى غَيْرُ مُنْتَقِلٍ إلَى الْغَيْرِ وَلِذَلِكَ ثَبَتَ وَلَاؤُهُ مِنْهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ وُقُوعُهُ عَنْ الصَّدَقَةِ وَلَمَّا قَامَتْ الْحُجَّةُ
عَنْ رَسُولِ الله صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ
وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَاءُ لِغَيْرِهِ فَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ إلَّا لِمَنْ أَعْتَقَ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُكَاتَبُونَ وَأَيْضًا
رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute