للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجْتِمَاعِ

الْحَدَّيْنِ عَلَيْهِ بِقَذْفٍ وَاحِدٍ فَوَاجِبٌ إذَا جُلِدَ الزَّوْجُ حَدًّا فِي قَذْفِهِ لِغَيْرِهَا أَنْ لَا يَبْطُلَ حُكْمُ اللِّعَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَزَوَّجُ بِهَا قِيلَ لَهُ إذَا صَارَ مَحْدُودًا في قذفه فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَذَفَ امْرَأَةً لَهُ أُخْرَى لَمْ يُلَاعِنْ وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَنَا فَالْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي إكْذَابِهِ نَفْسَهُ فِيمَا لَاعَنَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِي هَذِهِ فَجَائِزٌ قِيَاسُهَا عَلَيْهَا بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ خُرُوجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ فَإِنْ احْتَجُّوا بِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَمَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا إذَا تَلَاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَبِمَا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن عمر وبن السَّرْحِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْفَذَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَكَانَ مَا صنع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَهْلٌ حَضَرْت هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَضَتْ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا

وَبِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا

فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ لَبَيَّنَ كَمَا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي إبَاحَتِهَا بَعْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ أَمَّا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَوْلُهُ مَضَتْ السُّنَّةُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّهَا وَلَا أَنَّهُ حَكَمَ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَمَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا لَيْسَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَتْ بِذَلِكَ وَالسُّنَّةُ قَدْ تَكُونُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَهَذَا يَصِفُهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ بَقَاؤُهُمَا عَلَى حُكْمِ التَّلَاعُنِ وَكَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ فَمَتَى زَالَتْ الصِّفَةُ بِخُرُوجِهِمَا مِنْ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ زَالَ الْحُكْمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وقوله لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالصِّفَاتِ وَمَتَى زَالَتْ الصِّفَةُ زَالَ الْحُكْمُ فَإِنْ قِيلِ

قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا

قِيلَ لَهُ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى ذَلِكَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَإِنَّمَا رُوِيَ مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَهُوَ أَصْلُ الْحَدِيثِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا اللَّفْظُ فَإِنَّمَا أَخَذَهُ الرَّاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلٍ وَظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مُبَيِّنَةٌ عَمَّا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفِدْ نَفْيَ النِّكَاحِ بَعْدَ زَوَالِ حُكْمِ اللِّعَانِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي بَيَّنَّا وَأَمَّا

قَوْلُهُ لَا سبيل لك عليها

فإنه يُفِيدُ تَحْرِيمَ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ بِوُقُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>