الْفُرْقَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ تَحْرِيمَ الْعَقْدِ فَإِنْ قِيلَ
قَوْلُهُ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا
يَنْفِي جَوَازَ الْعَقْدِ إذْ كَانَ جَوَازُهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ قِيلَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّا قَدْ نَقُولُ لَا سَبِيلَ لَك عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا نُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا فَيَصِيرُ لَك عَلَيْهَا سَبِيلٌ بِالتَّزْوِيجِ وَإِنَّمَا نُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهَا فِي الْحَالِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا فَإِنَّمَا صَارَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ بِرِضَاهَا وَعَقْدِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَصِيرَ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ فِي الْعُقُودِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَالسَّبِيلُ عَلَيْهِ بِرِضَاهُ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا إنَّمَا أَفَادَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا إلَّا برضاها.
(فَصْلٌ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الْوَلَدَ قَدْ يُنْفَى مِنْ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي إلْحَاقِ الْوَلَدِ بِالْأُمِّ وَقَطْعِ نَسَبِهِ مِنْ الأب باللعان نصاعن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ مَنْ شَذَّ أَنَّهُ لِلزَّوْجِ وَلَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ بِاللِّعَانِ وَاحْتَجَّ
بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ
وَاَلَّذِي قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ هُوَ الَّذِي حَكَمَ بِقَطْعِ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ وَلَيْسَتْ الْأَخْبَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ ما روى في أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ فَثَبَتَ أَنَّ مَعْنَى
قَوْلِهِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ
أَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِ بِاللِّعَانِ وَأَيْضًا فَلَمَّا بَطَلَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ بِالزِّنَا كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ أخبرنى عروة ابن الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ فَيُصَدِّقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لَامْرَأَتِهِ إذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ ويعتز لها زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يُسْتَبْضَعُ مِنْهُ فَإِذَا تبين حملها أصابها وجها إنْ أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أرسلت إليهم فلم يستطع الرجل مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا فَتَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ وَهُوَ ابْنُك يَا فُلَانُ فَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ فَيُلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا ونكاح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute