تَقْعُدُ وَقَالَ نُقْصَانُ دِينِهِنَّ تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَقْرَاءَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْحَيْضَ فَوَجَبَ بِمُقْتَضَاهَا أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ أَيَّامًا وَأَنَّ مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَيَّامِ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ إلَى بَيَانِ حُكْمِ جَمِيعِ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ
وَقَدْ حَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنِ شُجَاعٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر قَالَ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ ذَكَرَتْ قِصَّتَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ (مُرِي فَاطِمَةَ فَلْتُمْسِكْ كُلَّ شَهْرٍ عَدَدَ أَيَّامِ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلْ)
فَأَبَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُرَادِهِ بِذِكْرِ الْأَقْرَاءِ وَأَنَّهَا حَيْضَةٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِأَنَّهُ قَالَ تُمْسِكْ كُلَّ شَهْرٍ عَدَدَ أَيَّامِ أَقْرَائِهَا
وَقَدْ أَخْبَرَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ عَادَةَ النِّسَاءِ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ بِقَوْلِهِ لِحَمْنَةَ تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا كما تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي كُلِّ شَهْرٍ
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُسَمَّى الْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ أَقُرَّاءَ وَالْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ إنَّمَا هِيَ قُرْءٌ وَاحِدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَقْرَاءُ اسْمًا لِجَمَاعَةِ حِيَضٍ قِيلَ له لما كان القراء اسْمًا لِدَمِ الْحَيْضِ جَازَ أَنْ تُسَمَّى الْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ أَقْرَاءَ عَلَى أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ أَجْزَاءِ الدَّمِ كَمَا يُقَالُ ثَوْبٌ أَخْلَاقٌ يُرَادُ بِهِ الْعِبَارَةُ عَنْ كُلِّ قِطْعَةٍ مِنْهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
جَاءَ الشِّتَاءُ وَقَمِيصِي أَخْلَاقُ ... شَرَاذِمُ يَضْحَكُ مِنْهُ التَّوَّاقُ
فَسَمَّى الْقَمِيصَ الْوَاحِدَ أَخْلَاقًا لِأَنَّهُ أَرَادَ الْعِبَارَةَ عَنْ كُلِّ قِطْعَةٍ مِنْهُ كَذَلِكَ جَازَ أَنْ تُسَمَّى الْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ أَقْرَاءَ عِبَارَةً بِهَا عَنْ أَجْزَاءِ الدَّمِ فَإِنْ قِيلَ إنَّ اسْمَ الْأَيَّامِ قَدْ يَقَعُ عَلَى يَوْمَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمَيْنِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا قِيلَ لَهُ إنَّمَا يُطْلَقُ اسْمُ الْأَيَّامِ عَلَيْهِمَا مَجَازًا وَحَقِيقَتُهَا ثَلَاثَةٌ فَمَا فَوْقَهَا وَحُكْمُ اللَّفْظِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ صَرْفِهِ إلَى الْمَجَازِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مُدَّةَ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيلٌ إلَى إثْبَاتِ مِقْدَارِهَا من طريق المقابيس وكان طريقها التوقيف أو الاتفاق عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ حِيَضٌ وَكَذَلِكَ الْعَشْرُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَفَوْقَ الْعَشْرِ أَثْبَتْنَا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَلَمْ نُثْبِتْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُهُ مِنْ تَوْقِيفٍ أَوْ اتِّفَاقٍ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ مَا تَرَى الدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ رُؤْيَتُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ حَيْضٌ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الدَّمَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا احْتَاجَ إلَى دَلَالَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْحَيْضِ بَدِيًّا فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute