بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ أمكنها أن تسترضع وهذا أيضا متنقض لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَنَافِعُ الرَّضَاعِ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهَا لِلْوَلَدِ فِي حَالِ فَقْدِ الْأَبِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فِي مَالِهَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الرَّضَاعُ كَمَا وَجَبَ عَلَى الْأَبِ اسْتِرْضَاعُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَنَافِعُ الرَّضَاعِ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهَا فِي مَالِهَا فَغَيْرُ جَائِزٍ إلْزَامُهَا الرَّضَاعَ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ لُزُومِهَا مَنَافِعَ الرَّضَاعِ وَبَيْنَ لُزُومِ ذَلِكَ فِي مَالِهَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَاقَضَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْهَا نَفَقَتَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الرَّضَاعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّضَاعِ وَبَيْنَ النَّفَقَةِ بَعْدَ الرَّضَاعِ وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ نَفَقَةِ الصَّغِيرِ فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَازَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَجَازَ مِثْلُهُ فِي الْأَبِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ إنَّمَا هُوَ نَفَقَةُ الرَّضَاعِ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الرَّضَاعِ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ لِلصَّغِيرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا وَكِسْوَتَهَا لِلرَّضَاعِ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهَا أَنْ تَسْتَرْضِعَ وَخَافَتْ عَلَيْهِ الْمَوْتَ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَرْضِعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُلْزِمُهَا ذَلِكَ لَوْ خَافَتْ عَلَيْهِ الْمَوْتَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَكَيْفَ خَصَّهَا بِإِلْزَامِهَا ذَلِكَ دُونَ جِيرَانِهَا وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ وَهَذَا كُلُّهُ تخليط وتشبه غَيْرُ مَقْرُونٍ بِدَلَالَةٍ وَلَا مُسْتَنِدٍ إلَى شُبْهَةٍ وَقَدْ حُكِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ إلَّا عَلَى الْأَبِ لِلِابْنِ وَعَلَى الِابْنِ لِلْأَبِ وَلَا يُوجِبُهَا لِلْجَدِّ عَلَى ابْنِ الِابْنِ وَهُوَ قَوْلٌ خَارِجٌ عَنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ جَمِيعًا لَا نَعْلَمُ عَلَيْهِ مُوَافِقًا وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ يَرُدُّهُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ- إلى قَوْله تَعَالَى- وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَالْجَدُّ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ أَبٌ قال الله تعالى مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ مِنْ الصُّحْبَةِ بِالْمَعْرُوفِ تَرْكُهُ جَائِعًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى سَدِّ جَوْعَتِهِ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ فَذَكَرَ بُيُوتَ هَؤُلَاءِ الْأَقْرِبَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْتَ الِابْنِ وَلَا ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ بُيُوتِكُمْ قَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ
كَقَوْلِهِ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك
فَأَضَافَ إلَيْهِ مِلْكَ الِابْنِ كَمَا أَضَافَ إلَيْهِ بَيْتَ الِابْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَى إضَافَةِ الْبُيُوتِ إلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بُيُوتَ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَعْلُومًا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ مَالُ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْقَائِلِ لَا جُنَاحَ عَلَيْك فِي أَكْلِ مَالِ نَفْسِك فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ هِيَ بُيُوتُ الْأَبْنَاءِ وَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا جَمِيعًا كَمَا ذَكَرَ سَائِرَ الْأَقْرِبَاءِ وَقَدْ اختلف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute