مُوجِبُو النَّفَقَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فَقَالَ أَصْحَابُنَا هِيَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَلَا نَفَقَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا وَلِذَلِكَ أَوْجَبُوا النَّفَقَةَ عَلَى الْخَالِ وَالْمِيرَاثَ لِابْنِ العم لأن ابن العم ليس رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَالْخَالُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا فِي هَذِهِ الْحَالِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ وَارِثًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَكُونُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُدْرَى مَنْ يَرِثُهُ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الصَّبِيُّ يَرِثُ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ النَّفَقَةُ بِمَوْتِهِ قَبْلَهُ وَجَائِزٌ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ يَحْجُبُ مَنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حُصُولَ الْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَانَ أَوْ غَيْرَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَيُوجِبُهَا عَلَى ابْنِ الْعَمِّ دُونَ الْخَالِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ زَوْجِهَا الصَّغِيرِ وَهِيَ مِمَّنْ يَرِثُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ شَرْطٌ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو تَوْقِيتُ الْحَوْلَيْنِ مِنْ أَحَدِ المعنيين إمَّا أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرًا لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِمَا يَلْزَمُ الْأَبَ مِنْ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ فَلَمَّا قَالَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَوْلَيْنِ لَيْسَا تَقْدِيرًا لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ الْفِصَالُ الَّذِي عَلَّقَهُ بِإِرَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَإِذَا كَانَ الْفِصَالُ مُعَلَّقًا بِتَرَاضِيهِمَا وَتَشَاوُرِهِمَا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْحَوْلَيْنِ لَيْسَ هُوَ مِنْ جِهَةِ تَوْقِيتِ نِهَايَةِ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُمَا رَضَاعٌ وَقَدْ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ إن أراد أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْله تعالى فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَلَى مَا قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَبَعْدَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَظَاهِرُهُ الِاسْتِرْضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ذِكْرِ الْفِصَالِ الَّذِي عَلَّقَهُ بِتَرَاضِيهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute